اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 104
الموالاة والمصاحبة معهم ضرورة من إتلاف النفس والمال والعرض وعند ذلك المحذور موالاتهم جائزة ومواخاتهم معذورة مداراة ومداهنة وَمع وجود تلك الضرورة المرخصة للموالاة الضرورية يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ اى يحذركم ويخوفكم الله اهل العزائم الصحيحة عن نفسه على وجه التأكيد والمبالغة حتى لا تأمنوا عن سخطه ولا تغفلوا عن غضبه ولا تميلوا عنه سبحانه بارتكاب ما نهيكم عنه وَاعلموا ان عموم المحذورات راجعة إِلَى اللَّهِ إيجادا وإظهارا إذ اليه الْمَصِيرُ في مطلق الخير والشر والنفع والضر لا مرجع سواه ولا منقلب الا إياه
قُلْ لهم يا أكمل الرسل تذكيرا وعظة وتنبيها لهم على ما في فطرتهم إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ من محبة الأقارب والعشائر أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ المحيط بظواهركم وبواطنكم وَيَعْلَمُ ايضا بعلمه الحضوري جميع ما فِي السَّماواتِ من الكوائن والفواسد ازلا وابدا وَكذا جميع ما فِي الْأَرْضِ منها بحيث لا يغيب عن حضوره شيء مما لمع عليه برق وجوده وَاللَّهُ المتجلى بذاته لذاته عَلى كُلِّ شَيْءٍ من مظاهر تجلياته قَدِيرٌ بلا فتور ولا قصور يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد يجازيهم على مقتضى علمه وقدرته في النشأة الاخرى.
اذكر لهم يا أكمل الرسل يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ خيرة جزاء ما عَمِلَتْ في النشأة الاولى مِنْ خَيْرٍ انعام واحسان وعمل صالح ويقين وعرفان مُحْضَراً بين يديه يستحضره ويود استعجاله وَكذا تجد كل نفس شريرة ما عَمِلَتْ فيها مِنْ سُوءٍ عمل غير صالح وكفر ونفاق وشرك محضرا بين يديه مشاهدا بين عينيه تستأخره وتتمنى بعده بل تَوَدُّ وتحب لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وزمانا متطاولا بل يتمنى ان لا تلقاه أصلا وَبالجملة يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ بهذا التذكير والتنبيه نَفْسَهُ اى عن نفسه وعن قدرته على وجوه الانتقام وزيادة قهره وغضبه على من استكبر عن أوامره ونواهيه وَاللَّهُ القادر المقتدر على انتقام العصاة رَؤُفٌ عطوف مشفق رحيم بِالْعِبادِ الذين يترصدون نحو الحق بين طرفي الخوف والرجاء معرضين عن كلا جانبي القنوط والطمع
قُلْ لهم يا ايها المخلوق على صورتنا المجبول على مقتضيات جميع اوصافنا وأسمائنا المتخلق بجميع أخلاقنا مخاطبا لمن تريد إرشادهم وتبليغهم من البرايا إِنْ كُنْتُمْ ايها الاظلال المنهمكون في تيه الغفلة والضلال تُحِبُّونَ اللَّهَ اى تدعون محبة المبدع المظهر لكم من كتم العدم وتطلبون التوجه الى بابه والتقرب نحو جنابه فَاتَّبِعُونِي بامره وحكمه يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ اى يقربكم الى جنابه ويوصلكم بشرف لقائه وَيَغْفِرْ اى يستر ويضمحل لَكُمْ عن أبصاركم وبصائركم ذُنُوبَكُمْ التي قد حجبتم بها عن مشاهدة جمال الله وجلاله وعن مطالعة آثار أوصافه وأسمائه وَاللَّهُ الهادي لكم الى صراط توحيده غَفُورٌ لكم يرفع موانع وصولكم رَحِيمٌ لكم يوصلكم الى مطلوبكم
قُلْ لهم يا أكمل الرسل ايضا أجل أعمالكم وأفضلها اطاعة امر الله واتباع رسول الله المرسل إليكم أَطِيعُوا اللَّهَ في امتثال جميع أوامره وأحكامه واجتناب عموم نواهيه ومحظوراته وأطيعوا الرَّسُولَ المبلغ لكم كتاب الله المبين لكم المراد منه فان اطاعوا طوعا ورغبة فازوا بما فاز به المؤمنون فَإِنْ تَوَلَّوْا واعرضوا عن اطاعة الله واطاعة رسوله تعنتا وعنادا فقد كفروا فلهم ما سيجرى عليهم من عذاب الله وغضبه في النشأة الاخرى فَإِنَّ اللَّهَ الهادي لعباده لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ منهم بحيث لا يقربهم الى كنف جواره ولا يرضى عنهم بل يعذبهم ويبعدهم عن عز حضوره. ثم لما وقف سبحانه محبته ورضاه لعباده على متابعة رسوله واطاعة
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 104